17 - 07 - 2024

تباريح | كيف نبني مصر؟

تباريح | كيف نبني مصر؟

(أرشيف المشهد)

  • 23-11-2015 | 16:50

علماء مصر ومفكروها وسياسيوها ومراكز أبحاثها ونخبها ومثقفوها مدعوون اليوم للإسهام بأفكارهم حول كيفية بناء بلدنا التي يتهددها الإرهاب والتصحر السياسي والفكري والاتجار بآلام الناس ومعاناتهم.

نحتاج إلى إطلاق عملية بناء واسعة النطاق على أسس علمية توظف الطاقات والقدرات ، وتستنهض الهمم ، وترمم ما هو موجود وصالح للاستمرار وتنسف ما تجاوزه الزمن من أجهزة وأفكار وممارسات في السياسة والاقتصاد والإعلام والتعليم والبحث العلمي .

لا يخفى على أحد أن مصر تواجه تحديات ضخمة ومعضلات تتجاوز طاقة أي سلطة ، وظروفا شديدة التعقيد داخليا وإقليميا ودوليا ، وأوضاعا اقتصادية واجتماعية وعلمية تكاد تصل إلى حافة الكارثة ، ومن ثم فإن الإصلاح وإعادة البناء يمثل ضرورة وطنية ملحة لا تقل أهمية وخطورة عن جلاء المستعمر حين كان موجودا وتحرير الأرض حين كانت محتلة .

لاحت لمصر فرصة تاريخية قل أن تتكرر بنجاح ثورة سلمية نظيفة في 25 يناير 2011 ، ثم تكررت الفرصة مرة أخرى بدرجة أقل في 30 يونيو 2013 ، لكن هذه الفرص بدلا من ان توظف لإطلاق نهضة حقيقية وإجراء إصلاحات جذرية تخرج بمصر من ربقة التخلف إلى فضاء عصري ملائم لإعادة البناء ، ومن الاعتماد على ذل المساعدات الاقليمية أو الأجنبية إلى عز الاكتفاء الذاتي ، ومن اعتبار التعداد الكبير عالة إلى تحويله لثروة بشرية ، وجدت هذه الفرص من يغير مسارها ويلوي عنقها لتتحول من سلاح في يد شعب مصر إلى سلاح يرتد إلى صدره ، فيزيد من معاناة الناس وبؤسهم ، ويؤدبهم لأنهم حاولوا رفع رؤوسهم في مواجهة الاستبداد والفساد وتجريف ثروات البلاد.

نحن بحاجة لإطلاق ثورة فكرية تجد من يرعاها ، ويحول ما يصلح منها للتطبيق إلى واقع يلمسه الناس ويحسون بجدواه ، وهذا لن يتوفر إلا في ظل حكم رشيد ، يؤمن إيمانا قاطعا أن مصر أكبر من ذوات الأشخاص وأكبر من الحكومات ، وأكبر من أن يتحكم أحد فيها سواء كان فصيلا داخليا أو دولة أو مجموعة دول إقليمية أو أجنبية .

كمصري يسوءني جدا أن تكون بلادي متلقية للمعونات من أي كان ، ويسوءني أكثر أن يمن أحد بمساعدة مصر أو الوقوف إلى جوارها في محنة ، ويلغي مبررات وجودي تماما كمواطن حر أن يتطلع أحد إلى إملاء سياسي أو اقتصادي على نظام الحكم في بلادي ، بغض النظر عن اختلافاتي معه في الرؤية والتوجه والممارسة. فمصر هي من ظلت تعطي وتظلل وتعلم من حولها على امتداد التاريخ ، ومن العار أن يقبل هذا الجيل من المصريين إملاء من أحد ، لمجرد وجود سلطة عاجزة لا تعرف كيف تسوس وكيف تتصرف ، وكيف توفر حدودا دنيا من الاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.

سيرد كثيرون ، كما ردت صديقة مقربة : " هذه وظيفة الـ Mastar Mind   أو العقل المركزي للدولة" ولأنه في الحالة المصرية غير موجود ، أو أنه مكبل بدواعي الاستبداد والبيروقراطية ، فإننا بحاجة إلى مراكز تفكير ومؤسسات أبحاث مستقبلية ، على غرار Think Tanks في الولايات المتحدة ، لذلك فإن الدعوة موجهة لكبار وشباب العلماء والباحثين والمفكرين والخبراء ، من أبناء مصر وعقولها المهاجرة ، لتقديم بدائل والمساهمة بأفكار تبني بلدنا وتقيلها من عثراتها .

ولتكن صحيفة المشهد منبرا أو أول مراكز Think Tanks في مصر .

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!